Monday, May 11, 2009

الحياة بكرامة او الموت بشرف


عبد الكبير الباهي طالب مناضل بجامعة القاضي عياض بمراكش ، ألقت به قوات القمع ( القوات المساعدة،السيمي...)من الطابق الرابع بالحي الجامعي خلال أحدات 14\15 ماي 2008 تعرض على إثره لكسر خطير على مستوى عموده الفقري نتج عنه شلل نصفي .و هو الآن بعد مرور سنة لم يتلقى أي دعم بل الأكثر من ذلك عمدت الدولة إلى الزج بوالده في السجن و قطع راتبه بالاضافة الى عدة مضايقات قرر على إثرها خوض اعتصام مفتوح أمام مقر "المجلس الاستشاري لحقوق الانسان" بالرباط و كفنه في يده من أجل الدفاع عن حقه في العلاج و العيش الكريم و إطلاق سراح والده و إرجاعه لوظيفته . لذا نهيب بكافة الشرفاء تقديم الدعم المعنوي لهذا الطالب عن طريق مؤازرته في اعتصامه المفتوح انطلاقا من 14\05\2009 .

لعرض المزيد من صور الرفيق الباهي اضغط الرابطhttp://www.bubbleshare.com/album/482599.18c775c2b3a/overview#16844647
:

Wednesday, May 6, 2009

اليمن: مصادرة 6 صحف مستقلة من المكتبات


وجهت وزارة الاعلام اليمنية قرار الي المطابع بإيقاف طباعة كل الصحف التي وصفها بالانفصالية.

اليمن:هل يضحي الرئيس بالكرسي من أجل الوحدة أم يضحي بالوحدة من أجل الكرسي؟


منير الماوري

almaweri@hotmail.com


هل هذا هو المقال الذي صودرت بسببه المصدر؟

عندما أكتب عن القضية الجنوبية تصلني رسائل عبر البريد الإلكتروني يتهمني فيها أصحابها بالوقوف مع الانفصال ضد الوحدة. والواقع أني اعتبر نفسي أكثر وحدوية من يرفعون شعار الوحدة وهم يمارسون الانفصال في أقبح صوره. ولذلك فإني أحاول قدر إمكاني أن أتضامن مع قضايا أبناء الجنوب خوفا على الوحدة لا وقوفا ضدها. وأعتقد أن لا مصلحة لي في الانفصال أبدا لأن التشطير إذا ما وقع لا سمح الله فلن أكون مقبولا حتى لاجئا سياسيا في الجنوب، ولن ألوم الأخوة في الجنوب على عدم قبولي أو قبول غيري من أبناء الشمال لأن صنعاء لم يخرج فيها متظاهر واحد حتى الآن تضامنا مع أبناء الجنوب، الذين تقصف منازلهم بالمدفعية والصواريخ، في ردفان وأبين والضالع.

لقد توصلت إلى قناعة منذ عام 1993 وربما يتفق معي فيها كثيرون بأن الوحدة اليمنية حدث عظيم لكنها بليت برجال صغار وأفراد عصابة من الأقزام يتولون مناصب عالية، ولا يدركون معنى الوحدة، لذلك خربوها بالدم بدلا من تعميدها بالحب والإخاء. وأعتقد أن الرئيس علي عبدالله صالح هو كبير هؤلاء، وقد فوت على نفسه فرصة ذهبية عام 2006، في الحفاظ على الوحدة اليمنية، عندما تراجع عن قراره ترك الرئاسة، لأنه وقتها كان سيحتفظ بمكانة كبيرة في سجل التاريخ كموحد لليمن، بدلا من أن يخرج من التاريخ كمدمر لليمن. ومن الواضح أن التاريخ سيذكره، مثلما يذكر محمد سياد بري في الصومال لا أكثر ولا أقل.

الأوضاع حاليا في الشمال والجنوب أخطر مما يتصور الرئيس ومستشاروه، لأنها خرجت من إطار التحكم ولم يعد هناك أي مجال لاستخدام الأساليب المعتادة في معالجتها، باللجان والمراوغة، والتسويف والمماطلة، ولم يعد أحد لا في الداخل ولا في الخارج يثق في السلطة الحالية سوى قلة من المنتفعين. وهناك فرصة واحدة ووحيدة أمام الرئيس إذا أراد أن يحافظ على الوحدة، وهي التضحية بالكرسي من أجل الوحدة بدلا من التضحية بالوحدة من أجل الكرسي.

وإذا لم يبادر الرئيس بهذه الخطوة الأخيرة فإن التداعيات معروفة، وسوف يخسر الكرسي والوحدة معا، لأن الأوضاع تختلف عما كانت عليه عام 1994 عندما نشب صراع بين جيش وجيش، فهذه المرة سيكون الصراع بين جيش وشعب، وقد أصبح الجنوب موضوعا حاليا تحت المجهر الدولي، ويترقب الجميع ماذا يمكن أن يحصل فيه بعد أن أصبحت معظم محافظات الجنوب كفوهة بركان. ويبدو أن هناك اجماعا اقليميا ورغبة دولية لتغيير النظام الفاشل في اليمن من أجل الحفاظ على الوحدة. ولكن الوحدة التي دعت السفارة الأميركية للوقوف معها، ليست الوحدة الحالية، وإنما الوحدة المقرونة بالديمقراطية والمساواة في المواطنة، الوحدة التي تتيح المشاركة السياسية للجميع بلا استثناء، وهناك إشارات ضمنية كثيرة أرسلت للرئيس لكنه قد لا يلقطها إلا بعد فوات الأوان. وإذا ما تورط الرئيس وحاشيته في ارتكاب جرائم إبادة جماعية في الجنوب ضد المدنيين العزل، من أجل وحدة النظام القروي الأسري الذي يقف على رأسه، هذا الرئيس فإن ذلك سيقضي على الوحدة للأبد، وسيؤدي إلى ظهور دعوات داخلية وخارجية لإجراء استفتاء في الجنوب لتخيير أبنائه بين الوحدة والاستقلال. وهذا النمط من الاستفتاء سوف يرفضه الرئيس بالطبع في البداية كعادته، ثم يضطر للتفاوض عليه بإشراف دولي وإقليمي، الأمر الذي سيجعله يتمنى بعد ذلك لو أن عقارب الساعة تعود إلى الوراء ويعود الأمر إلى ما كان عليه عام 2006 ليقدم استقالته ويرحل سلميا.

مازال المجال الآن مفتوحا ونحن على مشارف حرب أهلية لم تندلع بعد، أن يبادر أهل الحل والعقد وعقلاء اليمن بالتوجه إلى دار الرئاسة، وتقديم ضمانات للرئيس ولأفراد أسرته، بأنهم لن يتعرضوا للمساءلة والمحاسبة، ولن تفتح ملفات الماضي، على أمل أن يثبت الرئيس للعالم بأنه وحدوي فعلا وأنه مستعد للتضحية بالمنصب في سبيل الوحدة. وما لم يفعل الرئيس ذلك فإنه سيثبت لليمنيين أن همه الوحيد هو الكرسي وليس الوحدة وأنه مستعد للتضحية بالوحدة من أجل الكرسي، وليس العكس، وهذا يتضح من خلال ممارساته وسياساته. مع العلم أن الرئيس شخصيا لم يضحي حتى الآن بأي شئ من أجل الوحدة التي يفاخر بها، وكل التضحيات جاءت من غيره، وكان هو أكبر المستفيدين من الوحدة، وأكبر الناهبين لأرض الجنوب، وما تزال مزرعته في أبين تشهد على ذلك. وعلى الأرجح، أنه سيتمسك بالكرسي وليس بالوحدة، فيخسر الوحدة والكرسي معا كما أسلفنا. وأنا هنا اتفق مع ما طرحه الأستاذ الدكتور محمد عبدالملك المتوكل في أحد مقالاته، بأن الحاكم يجب أن يشعر بالأمان على حياته، وعلى مصير أسرته، حتى لا نكرر مآسي الماضي، وحتى يقبل هذا الحاكم بالتغيير السلمي. ولكن الخطير في الأمر أن القيادة الحالية تعمل بإدراك أو بغير إدراك كل ما في وسعها لتفتيت اليمن حتى لا تقوم دولة بعد الانهيار، وحتى لا تفتح ملفات يحاسب عليها المتسببين عن جرائم مستمرة منذ 31 عاما، ولنا في الصومال أكبر عبرة لأنه لا يوجد هناك من يمكن أن يحاسب أسرة سياد بري على ما فعلت بأهل الصومال بعد أن تم تدمير الدولة وتشريد الشعب.

ومن أجل حقن الدماء، فإني أقترح على علماء اليمن أن يصدروا فتوى دينية للجيش والأمن بأن دم اليمني على اليمني حرام، وان القتال دفاعا عن مصالح الفاسدين وكراسي المتسلطين المتشبثين بالسلطة على حساب مصالح الشعب الإستراتيجية، لا يجوز. الجيش والأمن مسؤوليتهما الدستورية هي حماية المواطن، وعرضه وماله، وليس الاعتداء عليه ونهب أراضيه، وقصف ممتلكاته. ومن حق هذا المواطن أن يدافع عن ماله وعرضه وأرضه، إذا ما تعرض للاعتداء من قبل المستبدين، سواء كان في الجنوب أو في الشمال ومن حقه أيضا أن يعبر عن رأيه بعيدا عن تقديس الأشخاص أو عبادة الرموز، كما أن حياة الناس أقدس من الوحدة. أما المتشبث بالكرسي باسم الوحدة فلن يبق للأبد في السلطة، وسيكون لطغيانه نهاية.

ويبقى القول بأن اليمن أصبحت الآن أمام خيارين فإما التغيير وإما التشطير، فإذا لم يتحرك المواطنون في شمال الوطن لتغيير الأوضاع وإبعاد الفاسدين من سدة الحكم، والخروج إلى الشارع احتجاجا على ما يجري لأخوانهم في الجنوب، فلن تستمر الوحدة، ولا أظن أننا محقون في لومنا لإخواننا في الجنوب على عدم قبولهم بالظلم والفساد والنهب والاضطهاد، ونحن لم ننظم أنفسنا في حراك مماثل. وربما أننا نعاني من ظلم مماثل في المحافظات الشمالية، ولكننا اخترنا الخضوع والسكينة، ولدينا معارضة مدجنة، وبالتالي فمن حق الجنوبي أن يعمل على تحرير نفسه من هذا النظام، وليس من حقي كشمالي أن أطالب أبناء الجنوب أن يأتوا إلى صنعاء لتحريري من السجانين، وإذا ما استمر الصمت على نهب الأراضي في الحديدة وفي صنعاء وعلى ممارسات الفاسدين، فإن الوحدة ستظل في خطر إلى وسيبقى كرسي الرئيس.

Tuesday, May 5, 2009

مصر: حرب الخنازير



أنا أنتمي للجياع

ومن سيظل به أمَلُ . ويقاتل

مظفر النواب


حرب الخنازير التي تدور رحاها في " الزرايب " بين الحكومة مدججة بقوات الأمن المركزي و 65 ألف زبال موزعين علي ست مناطق حول القاهرة هي منشية ناصر وعزبة النخل والمعتمدية والبراجيل وطرة و15 مايو . لقد سالت في الحرب دماء 3 مواطنين و11 جندي أمن مركزي ولواء شرطة بجانب دماء خنازير "الزرايب" التي تتعرض لذبح جماعي لم يحدث مع الطيور التي فشلت الحكومة في مواجهتها وأصبحت مصر الدولة رقم 6 علي مستوي العالم من حيث معدلات الإصابة.

كثرت التكهنات حول تدخل رأس الدولة المصرية وإصدار قرار حاسم بإعدام كل الخنازير والتي يتراوح عددها ما بين 350 ألف رأس و 500 ألف رأس بينما تقاعست الحكومة في اتخاذ موقف مشابه للدواجن والتي يتحكم بها 50 تاجر ومستورد بعضهم أعضاء في لجنة سياسات الحزب الوطني. تري هل هي حرب بين شركات النظافة التي حَصَلت مئات الملايين وفشلت في مهمتها لتزداد القاهرة قذارة ؟! أم حرب بين مربي اللحوم والدواجن والخنازير هي الضحية ؟! أم أن الرأسمالية المصرية تطور هياكلها الإنتاجية وهياكل ملكيتها وضحت بدماء الخنازير؟! كل الأفكار تحتاج لتدقيق لنصل إلي الحقيقة أو لنقترب منها.

تطوير القاهرة أم تطهيرها

تحرص الرأسمالية التابعة في مصر علي المظهر الحضاري للعاصمة حيث تسعي الآن لإزالة التجمعات العشوائية بجهود مخلصة من السيد جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب الحاكم وجمعية المستقبل.كما بدأت منذ عام 1993 خطة تطوير العشوائيات الذي انتهي بمخطط القاهرة عام 2050 والذي يجري تنفيذه الآن والذي تدور أحدي معاركه علي أرض مطار إمبابة ضمن مشروع تطوير شمال الجيزة بمساحة 3140 فدان ( 12.7 مليون متر مربع ) ويسكنها 900 ألف نسمة.كما تسعي الرأسمالية المصرية لبيع العديد من المباني الحكومية الموجودة علي النيل للاستفادة منها كأرض بناء وقد شمل ذلك أرض مستشفي معهد ناصر ومستشفي إمبابة ومستشفي العجوزة ومستشفي الأقصر العام ومستشفي أسوان العام. إضافة إلي مخطط بيع الجزر النيلية الذي بدأ بسكان جزيرة القرصاية .

وكما شهدنا منذ سنوات معارك إزالة عشش الترجمان والمحمدي نشهد الآن معارك أشد ضراوة وإخلاء قصري للسكان في إسطبل عنتر وعزبة خيرالله والمهاجرين في القاهرة وعشش الحرية في بورسعيد وطوسون في الإسكندرية وغيرها من التجمعات العشوائية.

لقد تحولت الرأسمالية المصرية من الإنتاج في الزراعة والصناعة في الستينات إلي رأسمالية طفيلية في السبعينات وحتى التسعينات تعيش علي تحويلات المصريين في الخارج وعائدات البترول والسياحة وقناة السويس. ومنذ منتصف التسعينات دخلت الرأسمالية المصرية بهيكلها المشوه للعولمة من خلال المضاربة في البورصة وفتح أبواب الاستيراد بلا ضوابط والمضاربات العقارية بعد السماح بتملك الأجانب للأرض والعقارات بالقانون رقم 230 لسنة 1996.

دخلت الرأسمالية الطفيلية التابعة مرحلة السمسرة والوساطة سواء للشركات الأجنبية التي تغزو مصر في كل المجالات وأخرها الشركات الإسرائيلية التي تشتري عقارات القاهرة الخديوية أو شركات الأدوية وشركات العقار. وأعلنت الحكومة كيف ستحول جزيرة الوراق في نيل القاهرة إلي منهاتن وكيف تطور منطقة ماسبيرو لتصير مركز تجاري عالمي .

لقد تم تقسيم معظم المدن المصرية إلي تجمعات للصفوة مثل بفرلي هيلز ودريم لاند وبورتو مارينا ودماك وإعمار التي تضم مدن رياضية ومراسي طائرات ويخوت وملاعب جولف تروي يومياً بالاف الأمتار المكعبة من الماء بينما يشتري سكان بعض الأحياء بالقاهرة الماء بجنيه للجالون وتوجد 6 محافظات تشرب مياه غير صالحة للشرب فهذه هي سمات العصر السعيد.

لقد تم تقسيم مصر إلي سادة رأسماليين يسكنون المدن المغلقة التي يحرسها الأمن الخاص بها وملايين يسكنون العشوائيات مطلوب إبادتهم لكي تحي الفئة الأولي بلا منغصات. وفئة ثالثة هي الطبقة الوسطي أو البرجوازية الصغيرة تتطلع إلي التميز عبر كل الطرق المشروعة وغير المشروعة وتخشي من السقوط إلي العشوائيات وعشش الصفيح ، وكلما اشتدت أزمة التنمية التابعة كلما سقط الآف منهم إلي مادون خط الفقر بينما يصعد بضع أفراد منهم إلي المرتبة الأعلى.

يتعامل العالم كله مع البشر كثروة بشرية بينما يري الرئيس مبارك أن السكان عبئ علي التنمية ويسعي جاهداً هو وأركان حكمه لإبادتهم وذبحهم علي طريقة حرب الخنازير. فلو تخلصنا من نصف الفقراء يستطيع النصف الباقي أن يعيش بصورة أفضل.وإذا كان رئيس الدولة قد تحدث مرة في احد خطاباته مطالباً بالحد من النسل " خفوا رجليكم شوية " فمن حق بطرس غالي الحفيد أن يصف أصحاب المعاشات بأنهم " نايمين ورافعين رجليهم ، وعايزين الدولة تصرف عليهم" فهذا هو منطق الرأسمالية الطفيلية التابعة من رأسها إلي أصغر غفير نظامي في قرية مصرية.

لذلك يشكل سكان العشوائيات حول القاهرة أو حزام الفقر مشكلة تؤرق الدولة وتشوه المظهر الذي يريدون أن يروه للقاهرة . هنا تأتي مناطق الزبالين ضمن عشوائيات القاهرة وحرب الخنازير الجارية في كل أنحاء مصر.

حرب الزبالة

تشكل المخلفات الصلبة المنزلية ، أو القمامة ، أو الزبالة حسب العامية المصرية مشكلة كبري في مصر التي عجزت عن إدارة التخلص من المخلفات فاستوردت خبراء " زبالة " أجانب لديهم سيارات كبس وعربات رش وكنس الشوارع وهو اختراع كنا نحتاج إليه لننتقل من عصر المقشات ( المكانس ) الجريد ( المصنوعة من جريد النخيل ) إلي عصر الكنس الآلي والشفط والكبس وهو ما يرشحنا لنكون عاصمة التقدم في العالم. ورغم وجود 81 تجمع عشوائي في القاهرة يسكنها أكثر من 7.5 مليون مواطن ويمثلون 53% من سكان العشوائيات. ورغم حرمان بعض هذه المناطق من المياه وغالبيتها من الصرف الصحي فإنها تعد أملاً لملايين السكان في الريف المصري الذين يعيشون ظروف أكثر قسوة فينزحون إلي القاهرة سعياً وراء الرزق ونراهم صباحاً ونحن في الطريق لأعمالنا جالسين في عدد من المواقع تحت قيظ الصيف وأمطار وبرودة الشتاء بانتظار سيارة تتوقف لطلب عامل لهدم حائط أو رفع مخلفات ليتدافع العشرات يتقاتلون من أجل فرصة عمل ولو ليوم واحد.

منذ سنوات طويلة نزح بعض البدو وبعض أبناء الصعيد ليعملوا في جمع القمامة بالقاهرة واتخذوا من مواقع كانت خارج الكتلة السكنية بالقاهرة أماكن لمعيشتهم وربما سمع العالم أخبارهم بعد انهيارات صخور جبل المقطم فوق رؤوسهم ووفاة المئات الذين لم تستطيع المعدات استخراج جثثهم وأشلائهم من تحت الصخرة .ورغم إننا نراهم في الصباح الباكر والمساء يركبون عربات تجرها الدواب وتتطاير منها القمامة والعربات رائحتها تعكس رائحة مخلفاتنا المتراكمة وعفونة يحملونها عنا لتبقي منازلنا نظيفة وهم يعيشون وسط تلال القمامة.بعض أفراد منهم مليونيرات وهذا طبيعي ولكن غالبيتهم فقراء معدمين يكسبون قوت يومهم بجمع القمامة وفرزها يومياً وتصنيفها وتربية الخنازير والماشية والدواجن لتتغذي علي فضلات القمامة.

لكن مع تطور الرأسمالية المصرية أصبح هؤلاء الزبالين بؤر للتلوث خاصة بعد الانفجار العمراني الغير مخطط والذي حول أماكن معيشتهم إلي قلب الكتل السكنية وبالقرب منها. تبلغ حجم القمامة المنزلية المستخرجة في مصر حوالي 26 مليون طن و25 مليون متر مكعب في عام 2006 .تتولي المحليات رفع 53% من القمامة والشركات 37% والزبالين 9%.ويخرج الريف المصري عن هذه الدائرة رغم الملايين التي تجمعها صناديق المحليات للنظافة بينما تتراكم المخلفات وتلقي في المجاري المائية والأراضي الزراعية لتبويرها.

كان التخلص من القمامة موزع بين المحليات والزبالين الأفراد في القاهرة والمحافظات وكان الإنفاق الحكومي علي النظافة يتكلف من الدولة حوالي 25 مليون جنيه بخلاف ما يتحمله الأفراد ويدفعونه مباشرة للزبالين حتى عام 2000 عندما بدأت الخطوات العملية لخصخصة المرافق والخدمات والتي بدأت عام 1998 بتحويل هيئة الاتصالات إلي شركة قابضة تبعها تكوين شركات تابعة لهيئة السكك الحديدية وتحويل شركة مصر للطيران إلي شركات وتحويل هيئة الكهرباء إلي شركات لتوزيع الكهرباء وتحويل هيئة مياه الشرب إلي شركات للمياه والصرف الصحي والسماح بتكوين شركات نقل خاصة تشرف عليها هيئة النقل العام بالقاهرة .لقد قادت هذه النقلة الحضارية إلي اختفاء الترولي باص والترام وانتقالنا لعصر الميكروباص والتوك توك كوسائل مواصلات خاصة بعيدة عن اي رقابة.

بقي قطاع النظافة الذي كان لا يزال بيد المحليات ولكن الرأسمالية المحلية والرأسمالية العالمية تري أن هذا القطاع منجم للثروة يجب أن تتخلي عنه الدولة لصالح الرأسمال المحلي والأجنبي وتم ذلك عبر عدة مراحل هي:

ـ عام 1983 تم إنشاء هيئة نظافة وتجميل القاهرة وهيئة نظافة وتجميل الجيزة لتعمل بأسلوب القطاع الخاص بعيداً عن المحليات.

ـ عام 1992 بدأ مخطط إزالة العشوائيات ونظافة وتجميل القاهرة.

ـ عام 2000 تم فتح باب الاستثمار أمام القطاع الخاص في مجال النظافة ودخل عدد من الشركات الأجنبية مثل فيولا الفرنسية وأمـــــا الايطالية وأنسر الاسبانية لمجال القمامة.

ـ رفعت الدولة الإنفاق علي النظافة من 25 مليون إلي 300 مليون جنيه ومع ذلك ازدادت القذارة ولم تحل مشكلة النظافة.

ـ جاءت الشركات بمفاهيم أجنبية بعيدة عن الثقافة المصرية منها عدم المرور علي المنازل كما يفعل الزبالين والاكتفاء بوضع حاويات مجمعة أصبحت تفيض بأكياس القمامة وأصبح منظر المواطن الذي يحمل كيس القمامة الأسود ويدور حول منزله بحثاً عن حاوية من الأمور المألوفة . دفع ذلك المواطنين إلي طلب النجدة وعودة الزبالين لحمل المخلفات من أمام الشقق السكنية حسب السلوك المصري المعتاد.

ـ حاولت الشركات استيعاب الزبالين الأفراد ولكنها عرضت عليهم شروط مجحفة مثل أن جمع القمامة من الشقة السكنية مقابل نصف جنيه مصري ( أقل من 10 سنت بالدولار ) مقابل المرور علي الشقق 3 مرات أسبوعيا فرفض الزبالين الأفراد ذلك.

ـ تقر الشركات بكفاءة الزبالين الأفراد في الجمع والفرز اليدوي ( رغم مضاره الصحية). ورغم ذلك فشلت الشركات الأجنبية والمحلية في استيعاب هؤلاء الزبالين وتطوير أساليب عملهم بينما يمكن تمويل شراء سيارات حديثة لهم وإلزامهم بزي محدد وتطوير أساليبهم في الفرز ووضع شروط ملزمة لهم.

ـ تحاول بعض منظمات المجتمع المدني مثل جمعية رجال جمع القمامة وجمعية حماية البيئة من التلوث وجمعية روح الشباب تطوير أساليب عملهم ، كما تحاول بعض المنظمات رعايتهم صحيا وتعليميا واجتماعياً مثل جمعية أسماء الأخت إيمانويل وعشرات الجمعيات التي تعمل في النظافة علي امتداد مساحة مصر.

ـ استطاعت منظمات المجتمع المدني بتمويل متواضع شراء سيارات مغلقة وماكينات لإعادة تدوير المخلفات بما يحولها من عبئ بيئي إلي مصدر للثروة من خلال إعادة التدوير.

ـ توجد مميزات في عمل الزبالين منها الجمع اليومي المنتظم من باب الشقة أو المنشأة ، الفرز الجيد الذي يصل إلي 80% من المخلفات والمتبقي20% يتم إطعامه للحيوانات والطيور. بإمكانياتهم المتواضعة يجمعون ثلث مخلفات القاهرة. يقول بعض الخبراء أن طن القمامة يولد 7 فرص عمل وان دوران رأس المال يتم بالأسبوع وليس بالشهر أو السنة. أما التحديات التي تواجههم فهي عدم تقدير الدولة لهم والنظرة المتدنية لعملهم وضغوط الشركات الأجنبية عليهم وغياب شروط السلامة والصحة المهنية في عملهم والتوسع في عمالة الأطفال.

يمكن استيعاب هؤلاء الزبالين ضمن إستراتيجية قومية للتخلص من المخلفات الصلبة ولكن الرأسمالية المصرية رأت نقل عبئ تقديم الخدمة للقطاع الخاص المحلي والأجنبي وتحميل المواطن فرق التكلفة التي تتضاعف دون أن نلمس تحسن في مستويات النظافة والقضاء علي الزبالين.

وربما يذكرنا قرار ذبح الخنازير بشخص وجد فأر في منزله فأشعل فيه النيران ليحترق المنزل ويتخلص من الفأر.هذا هو منطق الدولة المصرية التي تخوض حربها الشرسة لتطوير وتحديث قطاع النظافة وهو أمر مطلوب ولكنها تريد أن يتم ذلك من جيوب المواطنين وفوق أجساد الزبالين.

الرأسمالية وحرب تكسير العظام

عابت الدولة الساداتية علي رأسمالية الدولة الناصرية أنها أدت إلي احتكارات القطاع العام وتنميط حياة الناس وحرمانهم من التنوع والاستمتاع ونقلتنا من عصور الطعمية والكشري إلي جنة عصر الكنتاكي والماكدونالد ومن عصور الفطير المشلتت والمش إلي عصور البيتزا الزاهية ومن عصر أسامة عبد الوهاب والحباك إلي عصر المرأة الحديدية وإيهاب طلعت ورامي لكح.وبدلاً من احتكار الدولة وصلنا لعصر احتقار الدولة لجموع المصريين واحتكار 50 رأسمالي للثروة والسلطة في مصر.

لقد أهدرت أراضي الدولة للمحاسيب واحتكر أمين التنظيم بالحزب الحاكم سوق الحديد واحتكرت الشركات الفرنسية سوق الأسمنت وسحق الفقراء في مصر الذين ينهشم الفقر والجهل والمرض وبعد مرور سنوات علي تطور الرأسمالية في مصر أصبحنا نتحدث عن 2 مليون طفل شوارع و17 مليون يسكنون العشوائيات و9 مليون مصابون بفيروسات الكبد .

حروب الرأسمالية الرثة مثل تطورها الرث حروب قذرة وتكسير عظام مثل ما يحدث بين عصابات المافيا مثل ما حدث مع حسام أبو الفتوح من قبل فعندما يتم تجاوز الخطوط الحمراء تقع الواقعة.عندما حاول إمبراطور العقارات هشام طلعت مصطفي دخول سوق الحديد مستورداً ، كشفت قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم ، فلكل ديناصور ملف أسود يستخدم عند اللزوم. إنها حرب تكسير العظام بين ديناصورات الرأسمالية الرثة من شرايط دينا وحسام ابوالفتوح إلي شرائط هشام طلعت مصطفي والسكري.

إن المصاعب والمشاكل التي يواجهها الرأسماليين المنتجين تتضاعف والعمولات والرشاوى والسمسرة التي يتحملونها تضعف من صمودهم وتقلل فرصهم في المنافسة. ويزداد الأمر تعقيداً بدخول الشركات المتعددة الجنسية لكل مجالات الحياة في مصر من الوجبات السريعة إلي القمامة ومن الزراعة إلي صناعة الأدوية . عشرات المصانع العاملة تم بيعها وعشرات المصانع الخاصة أفلست وتغلق أبوابها لتفسح السوق لوكلاء الشركات الأجنبية فهذه ثمرات عصر الديناصورات.

حرب اللحوم وجنون البقر ، تنتقل لحرب انفلونزا الطيور وذبح الطيور لصالح كبار المتنفذين بالدولة وأخيرا حرب الخنازير ، هكذا تتطور الرأسمالية الرثة وتتنوع أنشطتها. تتخلي الدولة عن دورها وتعتمد علي القطاع الخاص وتتحول لمجرد عسكري مرور رأسمالي لسوق يسوده الاحتكار وتغلبه الفوضي. ويموت فيه الفقراء من أجل 10 أرغفة خبز تطعم رمق أسرة .

إن حرب الخنازير ودمائهم هي حلقة ضمن سلسة التطور الرث الذي يدفع للمزيد من الثراء وتركز الثروة لدي البعض ومزيد من الفقر والمرض لدي الملايين .وربما يكون كفاح الزبالين في " الزرايب" هو خطوة أخري علي طريق المقاومة مثلما تم مع سكان جزيرة القرصاية وأهالي ارض مطار إمبابة وسكان طوسون والحرية إنها الحرب الطبقية التي تستهدف القضاء علي الفقراء بدلاً من القضاء علي الفقر. ربما تكون حرب الخنازير علامة علي طريق بناء القاهرة 2050 ولكن الحرب لسه في أول السكة.

إلهامي الميرغني

4/5/2009